وفي السماء رزقكم وما توعدون .......................
وضع الله تعالى في القرآن ضوابط الرزق و حدد معالمه ، و أنه لم يتركه لأحد من خلقه ، و أنه قد يقتر على العباد لما فيه صلاحهم، فكن مطمئن ..... واجعل هذا راسخا وترجمه بصدق توكلك على الله تعالى ..........
قاعدة مسلم بها : أرزاق العباد على الله تعالى .
أكد الله سبحانه هذا المبدأ ، و أقر هذه القاعدة في كتابه ، فلا رازق سواه ، كما أنه لا خالق غيره ، خلق و رزق دون عناء و لا كلفة و لا مشقة ، فلو سأله الخلق جمعيا فأعطاهم لم ينقص ذلك من ملكه شيئًا ، كما قال في الحديث القدسي الجليل الذي رواه مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما يروي عن الله تبارك و تعالى أنه قال :
" يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، و جعلته بينكم محرما ، فلا تظالموا ، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل و النهار و أنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني و لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي لو أن أولكم و آخركم و إنسكم و جنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم و آخركم و إنسكم و جنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم و آخركم و إنسكم و جنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عبادي إنما هي أعمالكم : أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله عز وجل ، و من وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه " .
فبين أن جميع الخلائق إذا سألوا و هم في مكان واحد ، و زمان واحد ، فأعطى كل إنسان منهم مسألته لم ينقصه ذلك مما عنده إلا كما ينقص المخيط ، و هي الإبرة ، إذا غمس في البحر .
و لفظ النقص هنا كلفظ النقص في حديث موسى و الخضر الذي في الصحيحين ، من حديث ابن عباس ، عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه و سلم و فيه : " أن الخضر قال لموسى لما وقع عصفور على قارب السفينة فنقر في البحر ، فقال : يا موسى ما نقص علمي و علمك من علم الله إلا كما نقص هذا العصفور من هذا البحر " .
و من المعلوم أنّ نفس علم الله القائم بنفسه لا يزول منه شيء بتعلم العباد ، و إنما المقصود أنّ نسبة علمي و علمك إلى علم الله كنسبة ما علق بمنقار العصفور إلى البحر .